أكد خبراء الاقتصاد المشاركون في المؤتمر البحثي الأول لصندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن الدول ذات المديونية المرتفعة لم تعد أمامها خيارات كثيرة سوى تنفيذ إصلاحات هيكلية جذرية، خصوصًا في ظل التحديات المتزايدة التي تشمل ارتفاع تكاليف خدمة الدين، تباطؤ النمو الاقتصادي، وتفاقم الفجوات الاجتماعية.
وشدد الخبراء على أن الاعتماد على السياسات التقشفية وحدها لم يعد مجديًا، داعين إلى تبني استراتيجيات شاملة تهدف إلى تعزيز الإنتاجية، دعم الاستثمارات، وإعادة بناء الثقة في الأسواق المالية.
قضايا اقتصادية ملحة بين الإيرادات والعدالة الاجتماعية
في الجلسة الأولى للمؤتمر، أكد الدكتور آلان أورباخ، أستاذ الاقتصاد والقانون بجامعة كاليفورنيا، أن هناك عدة قضايا اقتصادية عاجلة يجب التركيز عليها، من أبرزها التوازن بين زيادة الإيرادات وإعادة توزيع الدخل، فضلاً عن التباين في التكاليف الاقتصادية الناجمة عن مصادر الإيرادات المختلفة.
وأشار أورباخ إلى تصاعد النقاشات العالمية بشأن إمكانية إلزام الشركات متعددة الجنسيات بدفع حصص ضريبية أكبر، بالإضافة إلى ضرورة توسيع التعاون الدولي ليشمل فرض ضرائب عادلة على الأفراد الأثرياء، رغم التحديات المتعددة في هذا المسار.
التمويل العام والديون: تعقيدات وتحديات
وشرح أورباخ أن الضرائب غالبًا ما تستخدم لتحقيق أهداف متداخلة مثل تمويل الإنفاق العام، خفض الدين، وتعزيز العدالة الاجتماعية، ما يؤدي إلى تضارب في الأهداف ويستلزم اتخاذ قرارات دقيقة خاصة مع محدودية زيادة معدلات الضرائب دون التأثير سلبًا على النمو الاقتصادي.
وأشار إلى كفاءة ضرائب الاستهلاك، وعلى رأسها ضريبة القيمة المضافة، كونها سهلة الإدارة ولا تثبط الادخار، وتوفر مصدرًا مستقرًا للإيرادات، خصوصًا في المجتمعات التي تشهد شيخوخة سكانية متزايدة.
إلا أن الإعفاءات الضريبية لبعض السلع الأساسية تقلل من فعالية هذه الضرائب وتحد من تحقيق الأهداف الاجتماعية المرجوة.
وشدد أورباخ على أهمية تطبيق أدوات أكثر استهدافًا في السياسات الاجتماعية، مثل التحويلات النقدية المباشرة أو الحوافز الضريبية، بدلاً من الإعفاءات الضريبية العامة التي قد تفيد فئات غير مستهدفة.
ضرائب الشركات متعددة الجنسيات والتحديات الدولية
أشار أورباخ إلى تقدم المبادرة الدولية التي تقودها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في فرض حد أدنى عالمي للضرائب بنسبة 15% على الشركات متعددة الجنسيات (“الركيزة الثانية”)، لكنه أقر بأن التحديات لا تزال كبيرة، خاصة في ظل غياب التوافق السياسي في الولايات المتحدة، مما قد يعرقل تنفيذ الاتفاقات على نطاق عالمي.
ودعا إلى ضرورة إيجاد حلول لتجاوز العقبات، مثل الإبقاء على الامتيازات الضريبية غير المباشرة، ومواجهة عودة الضرائب على الخدمات الرقمية، التي كان من المفترض إلغاؤها بموجب الاتفاقيات الجديدة.
أثر الأوضاع المالية الأمريكية على الاقتصاد العالمي
وحذر أورباخ من المخاطر التي يمثلها الوضع المالي الأمريكي على الاستقرار الاقتصادي العالمي، مشيرًا إلى أن السياسة المالية الأمريكية أصبحت أقل قدرة على الاستجابة لتحديات الدين العام، مما يقلل من ثقة المستثمرين ويزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
وأوضح أن ضعف البدائل الاستثمارية الآمنة قد يبدو في البداية إيجابيًا للدول الأخرى، لكنه يزيد في النهاية من المخاطر المالية العالمية على المدى الطويل.
خلفية تحليلية
تأتي هذه الملاحظات في وقت تواجه فيه دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديات مالية واقتصادية كبيرة، نتيجة تراكم الديون وضعف النمو، بالإضافة إلى الضغط الاجتماعي المتزايد.
الإصلاحات الهيكلية، التي تشمل تحديث أنظمة الضرائب، تحسين إدارة الإنفاق العام، وتعزيز بيئة الأعمال، تبدو حتمية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وتحقيق تنمية مستدامة.
انت تقرأ هذا الموضوع في قسم أهم الأخبار على موقعك المفضل النافذة الاخبارية.
كما يمكنم ايضا تصفح المزيد من الاقسام الهامة في موقعنا:
تابعنا الآن على جوجل نيوز النافذة الإخبارية