في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها مصر، عادت قضية تسعير الوقود إلى واجهة الجدل العام. وتُعد أسعار المواد البترولية من أبرز الملفات التي ترتبط مباشرة بمعيشة المواطنين، وتؤثر على كافة القطاعات الخدمية والإنتاجية. وفي وقت تسعى فيه الدولة المصرية لتحقيق توازن بين الالتزامات المالية والحماية الاجتماعية، تبرز قرارات رفع أسعار الوقود كأحد الأدوات التي تلجأ إليها الحكومة لضبط عجز الموازنة وتوجيه الدعم بشكل أكثر كفاءة.
الخبير الاقتصادي محمد فؤاد: القرار لم يكن مفاجئًا
قال الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي المصري، إن قرار رفع أسعار الوقود ليس صدمة، بل كان متوقعًا ضمن آلية التسعير التلقائي التي تطبقها الحكومة كل ستة أشهر. وأوضح، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي المصري عمرو أديب في برنامج “الحكاية” على قناة MBC مصر، أن التسعير يخضع لمجموعة من العوامل، أهمها الأسعار العالمية للنفط، تكاليف الإنتاج والتكرير، تكلفة النقل والتأمين، وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
وأكد فؤاد أن الدولة لا تتخذ مثل هذه القرارات بشكل عشوائي، بل بناءً على مراجعات دقيقة للوضع المالي العام، مشيرًا إلى أن هذه الزيادات تأتي ضمن خطة إصلاح اقتصادي شاملة.
الدولة تتحمل 154 مليار جنيه دعمًا سنويًا
كشف الدكتور فؤاد عن أن الحكومة تخصص نحو 154 مليار جنيه سنويًا لدعم المواد البترولية، في وقت يبلغ فيه الاستهلاك اليومي حوالي 175 مليون لتر من الوقود، وهو ما يعادل دعمًا بقيمة 6 جنيهات لكل لتر يتم تداوله في السوق المحلي.
وأوضح أن هذا الحجم الضخم من الدعم يضع ضغطًا هائلًا على الموازنة العامة، خاصة مع تفاقم الالتزامات المالية، ما يدفع الدولة إلى إعادة النظر في أولويات الإنفاق وضبط آليات الدعم.
لماذا لا تنخفض الأسعار رغم تراجع النفط عالميًا؟
وفي ردّه على تساؤلات المواطنين حول سبب عدم انعكاس انخفاض أسعار النفط عالميًا على السوق المحلي، أشار فؤاد إلى أن هناك عدة عوامل محلية تعوق هذا الانخفاض، منها ارتفاع تكاليف النقل والتأمين، والحاجة إلى تكوين احتياطي استراتيجي آمن، بالإضافة إلى التزامات مصر مع الشركاء الدوليين في الإنتاج والتوزيع.
وأكد أن الفجوة بين الأسعار العالمية والمحلية ليست دليلًا على التربح، بل نتيجة حتمية للبنية التحتية وتكاليف التشغيل المحلي.
زيادات مستقبلية قيد الدراسة.. وتوزيع الدعم يحتاج إصلاحًا
شدد الخبير الاقتصادي على أن أي زيادات قادمة في أسعار الوقود ستتم دراستها بعناية شديدة، مع الأخذ في الاعتبار التأثير التضخمي المحتمل على القطاعين الإنتاجي والاستهلاكي، مؤكدًا على ضرورة تطوير آليات توزيع الدعم لضمان وصوله إلى مستحقيه فقط.
ودعا إلى التوسع في الإنتاج المحلي من الطاقة والوقود، وتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي لتخفيف العبء المالي وتقوية الاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمات العالمية.
معادلة صعبة بين مصلحة المواطن والدولة
واختتم فؤاد تصريحاته بالتأكيد على أن الحكومة تسعى لتحقيق معادلة شديدة الصعوبة، تتمثل في الموازنة بين مصلحة الدولة في تقليل العجز المالي، ومصلحة المواطن في الحفاظ على قدرته الشرائية. وقال إن “السياسة الحالية تحاول ضبط الإيقاع الاقتصادي دون إحداث صدمة اجتماعية، وهو مسار يتطلب صبرًا وتدرجًا في الإصلاح”.
انت تقرأ هذا الموضوع في قسم طاقة على موقعك المفضل النافذة الاخبارية.
كما يمكنم ايضا تصفح المزيد من الاقسام الهامة في موقعنا:
تابعنا الآن على جوجل نيوز النافذة الإخبارية