الإفتاء توضح كيفية الاحتفال بالمولد النبوي
أوضحت دار الافتاء كيفية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، مؤكدة ان الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ومحبة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه البخاري.
وتابعت : الاحتفال بمولده – صلى الله عليه وآله وسلم- هو الاحتفاء به، والاحتفاء به -صلى الله عليه وآله وسلم- أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علِم الله -سبحانه وتعالى- قدرَ نبيه، فعرَّف الوجودَ –بأسره- باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحُجَّته.
وقد دَرَجَ سلفُنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم -صلوات الله عليه وسلامه- بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
ونص جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى -لمن له عقل وفهم وفكر سليم- إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في “المدخل” في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه “المدخل” في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها “حُسن المَقصِد في عمل المولد”.
الاحتفال بالمولد النبوي
وأما الاحتفال بالمعنى المقصود في هذا المقام، فهو لا يختلف كثيرًا عن معناه في اللغة؛ إذ المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وإعلانًا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم -صلى الله عليه وآله وسلم-.
ويدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام، فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- كان أشد مشروعية وندبًا واستحبابًا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سُلِّم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغًا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل في فرحهم -رضي الله تعالى عنهم- به -صلى الله عليه وآله وسلم- ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولا حرج في الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به -صلى الله عليه وآله وسلم- عبادة وأي عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهةٌ هو موليها. على أنه قد ورد في السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- مع إقراره لذلك وإِذْنه فيه؛ فعن بُرَيدة الأسلمي -رضي الله عنه- قال: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بِالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَاضْرِبِي، وَإِلَّا فَلَا» رواه الإمام أحمد، والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
فإذا كان الضرب بالدُّفِّ إعلانًا للفرح بقدوم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من الغزو أمرًا مشروعًا أقره النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأمر بالوفاء بنذره، فإنَّ إعلان الفرح بقدومه -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الدنيا -بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة في نفسها- أكثر مشروعية وأعظم استحبابًا.
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبي لهب -وهو مَن هو كُفرًا وعِنادًا ومحاربة لله ورسوله- بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نقرة مِن كَفّه كل يوم إثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثُوَيبة لَمّا بَشَّرَته بميلاده الشريف -صلى الله عليه وآله وسلم- كما جاء في صحيح البخاري، فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون، وقد سن لنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الإثنين ويقول: «ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ» رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، فهو شكر منه -عليه الصلاة والسلام- على مِنّة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأَولى بالأُمَّة الائتساءُ به -صلى الله عليه وآله وسلم- بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكلُّ ماعُونٍ يَنضَحُ بما فيه.
انت تقرأ هذا الموضوع في قسم أخبار مصر على موقعك المفضل النافذة الاخبارية.
كما يمكنم ايضا تصفح المزيد من الاقسام الهامة في موقعنا:
تابعنا الآن على جوجل نيوز النافذة الإخبارية