في خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، يعتزم جهاز “مستقبل مصر للتنمية المستدامة” إنشاء مصنع ضخم لإنتاج ألبان الأطفال، بتكلفة استثمارية تقدر بنحو 500 مليون دولار، على أن يبدأ تشغيله في بداية عام 2027، وفق ما أعلنه خالد صلاح، المتحدث باسم الجهاز.
تشغيل المصنع بالشراكة مع القطاع الخاص
قال خالد صلاح في تصريحات لـ”الشرق بلومبرج”، إن المشروع سيُدار ويُشغّل بالكامل بواسطة القطاع الخاص، موضحًا أن الجهاز تلقى بالفعل عروضًا استثمارية من شركات مصرية وإماراتية، غير أن الاختيار لم يُحسم بعد.
ويعد المصنع جزءًا من خطة وطنية تستهدف تعزيز الإنتاج المحلي من السلع الحيوية، وتقليص فاتورة الواردات التي تتجاوز مليار دولار سنويًا لألبان الأطفال فقط.
دعوة رئاسية وسوق تحت الضغط
جاءت هذه الخطوة عقب دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا إلى إنشاء مصنع وطني لتوفير ألبان الأطفال، منتقدًا حجم الواردات الضخم، واصفًا إياه بـ”غير المعقول”.
وتُظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع واردات مصر من الألبان ومنتجاتها بنسبة 13.1% خلال عام 2024 لتسجل 807 ملايين دولار، كما بلغت واردات عبوات الألبان المركزة وحدها 225 مليون دولار، وهو ما يضع عبئًا متزايدًا على الميزان التجاري للدولة.
مستهدف بتغطية نصف السوق المحلية
أوضح المتحدث باسم جهاز مستقبل مصر أن المصنع الجديد سيعمل في مرحلته الأولى على تغطية نحو 50% من احتياجات السوق المحلية، التي تتراوح بين 40 إلى 45 مليون عبوة سنويًا.
ويُخطط أيضًا للتوسع التدريجي لتغطية كامل السوق، مع التوجه لاحقًا إلى التصدير الإقليمي، ما يدعم أهداف الدولة في تقليل الاعتماد على الخارج وزيادة الصادرات الصناعية.
استيراد أبقار وزراعة أعلاف محلية
لضمان استمرارية الإنتاج المحلي من الحليب المستخدم في التصنيع، يعتزم المشروع استيراد 40 ألف بقرة محسنة من دول مثل هولندا، ألمانيا، والبرازيل، لإنتاج ما يصل إلى مليون لتر من الألبان سنويًا.
كما سيتم زراعة نحو 50 ألف فدان من البرسيم لتوفير الأعلاف، في إطار منظومة إنتاج متكاملة تدعم الأمن الغذائي الوطني.
تعثر مفاوضات سابقة فتح الباب للمشروع الوطني
يأتي هذا المشروع الوطني بعد فشل مفاوضات سابقة بين الحكومة المصرية وشركة أسترالية لإنشاء مصنع مماثل، وذلك بسبب اعتماد النموذج الأسترالي على استيراد المواد الخام وتعبئتها فقط دون تصنيع محلي فعلي، وهو ما رأته الجهات الحكومية عديم القيمة المضافة.
المصنع الحالي لا يغطي الاحتياج المحلي
وبحسب محيي حافظ، رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية، فإن مصر لا تضم حاليًا سوى مصنع واحد لألبان الأطفال، تديره شركة “لاكتو مصر” بالشراكة مع القوات المسلحة، ويصدر إنتاجه إلى شمال أفريقيا، دون تلبية السوق المحلي، وهو ما يزيد من أهمية المشروع الجديد.
دعوات لتحفيز الاستثمار في قطاع حيوي
من جانبه، دعا محمد أنور، رئيس الجمعية المصرية لمصدري المكملات الغذائية، إلى ضرورة تقديم حوافز ضريبية وتسهيلات حكومية وقروض ميسرة للمستثمرين في هذا القطاع، مشيرًا إلى أن ارتفاع عدد المواليد في مصر يجعل من ألبان الأطفال سوقًا متناميًا يستحق جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
تحليل ختامي: بداية تحوّل في سياسة الأمن الغذائي
يُمثل مشروع مصنع ألبان الأطفال المزمع إنشاؤه تحولًا جوهريًا في سياسات الدولة نحو التصنيع المحلي للسلع الحيوية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والضغوط على العملات الأجنبية.
ويعكس أيضًا توجه الحكومة المصرية لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وخلق مشروعات ذات قيمة مضافة حقيقية تدعم الاكتفاء الذاتي، وتمهد الطريق لتحول مصر إلى مركز إقليمي لصناعة الألبان المخصصة للأطفال.
انت تقرأ هذا الموضوع في قسم استثمار على موقعك المفضل النافذة الاخبارية.
كما يمكنم ايضا تصفح المزيد من الاقسام الهامة في موقعنا:
تابعنا الآن على جوجل نيوز النافذة الإخبارية