أحالت النيابة الإدارية 12 موظفًا بالهيئة القومية للبريد، من بينهم مدير سابق لإدارة الاستعلامات، إلى المحاكمة التأديبية، بعد اتهامهم بالضلوع في واحدة من أخطر قضايا الفساد الوظيفي خلال الأعوام الأخيرة، تمثلت في الاستيلاء على أكثر من 2.5 مليون جنيه من حسابات عملاء البريد، باستخدام حيل تقنية ووظيفية ممنهجة.
وتضمنت الاتهامات قيام المتهمين بتنشيط حسابات عملاء خاملة دون علمهم، وإصدار بطاقات خصم مباشر، ثم سحب الأموال من ماكينات الصراف الآلي، بالإضافة إلى التلاعب ببيانات العملاء في قاعدة بيانات الهيئة وتغيير عناوين المراسلة، بهدف إخفاء العمليات الاحتيالية ومنع اكتشافها.
تفاصيل تنفيذ الجريمة: تلاعب منهجي في بيانات العملاء
أظهرت التحقيقات أن المتهمين اعتمدوا على نمط متكرر في تنفيذ الجرائم، تمثل في:
-
تنشيط الحسابات غير النشطة دون موافقة أو علم أصحابها.
-
إصدار بطاقات إلكترونية باسم العملاء وسحب الأموال باستخدامها.
-
تعديل بيانات العملاء مثل عناوين المراسلة، لتجنب وصول كشوف الحساب إليهم.
-
إخفاء العمليات المصرفية عن الأنظمة الرقابية.
وساعدهم في ذلك اطلاعهم الكامل على النظم الرقمية بالبريد، وقدرتهم على تجاوز الإجراءات المعتادة للرقابة الداخلية.
الكشف عن الجريمة: بلاغ داخلي وتقرير رقابي
البداية كانت من بلاغ تقدم به قطاع الموارد البشرية بالهيئة القومية للبريد إلى النيابة الإدارية، بعد الاشتباه في معاملات مالية مريبة.
وتزامن ذلك مع تقرير صادر عن الإدارة العامة لمراقبة وتقييم الأداء الرقابي، رصد عمليات سحب غير مبررة من أحد الحسابات غير النشطة، ما شكل بداية خيط التحقيق.
كما ساهم قطاع التجزئة المالية بالبريد في كشف المخالفات من خلال إخطار رسمي بعد ملاحظة نمط متكرر في إصدار وسحب بطاقات إلكترونية دون الرجوع للعملاء.
أدلة قاطعة وتورط جماعي
أثبتت التحقيقات وجود أدلة مادية دامغة، تمثلت في تسجيلات كاميرات المراقبة التي وثّقت أحد المتهمين أثناء تنفيذ عمليات السحب النقدي من ماكينات ATM، بالإضافة إلى أسطوانة مدمجة قدمتها الهيئة، تحوي أدلة رقمية على تنفيذ الجرائم.
كما ثبت تورط باقي المتهمين في:
-
المشاركة الفعلية في تفعيل وتسليم البطاقات لغير مستحقيها.
-
تعديل متعمد في البيانات البنكية والمراسلات.
-
إفشاء أسرار وظيفية لتسهيل تنفيذ الجرائم.
خلفية تحليلية: أزمة الثقة في المؤسسات الخدمية
تسلط هذه الواقعة الضوء على مخاطر استغلال النفوذ التقني في المؤسسات الحكومية، خاصة تلك التي تتعامل مع حسابات مالية ضخمة تخص ملايين المواطنين، كما تكشف ثغرات في نظام الرقابة الداخلية بالهيئة القومية للبريد، رغم كونها واحدة من أعرق المؤسسات الخدمية في مصر.
وتأتي هذه الفضيحة في وقت تتجه فيه الدولة المصرية إلى رقمنة الخدمات الحكومية، ما يفرض ضرورة تشديد الإجراءات الرقابية الإلكترونية، وتفعيل نظم الإنذار المبكر ضد أي تلاعب داخلي.
انت تقرأ هذا الموضوع في قسم أخبار مصر على موقعك المفضل النافذة الاخبارية.
كما يمكنم ايضا تصفح المزيد من الاقسام الهامة في موقعنا:
تابعنا الآن على جوجل نيوز النافذة الإخبارية