تثير التوقعات المتكررة عن وجود «فقاعة عقارية» في السوق المصري جدلاً واسعًا بين الخبراء والمستثمرين، وسط انقسام في الرؤى بين من يعتبرون ما يحدث تهدئة طبيعية بفعل عوامل اقتصادية، ومن يربطونه بمخاطر قادمة ناتجة عن التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
العرض العقاري يفوق الطلب: تهدئة مؤقتة وليست فقاعة
تقول حنان رمسيس، خبيرة سوق المال، إن السوق العقاري المصري يمر حاليًا بحالة من التهدئة وليست فقاعة.
وأوضحت أن المعروض من الوحدات، خصوصًا الفاخرة منها، يفوق الطلب بشكل كبير، بسبب تحول المستثمرين إلى أصول أخرى مثل الذهب، وسط حالة عدم وضوح الرؤية الاقتصادية والسياسية.
وأضافت رمسيس: “الركود النسبي في الوحدات الفاخرة قد يؤدي إلى تراجع في أسعار مواد البناء كالحديد والأسمنت، لكن ما يحدث هو فقط تعديل طبيعي في أولويات الاستثمار وليس انفجار فقاعة عقارية”.
هشام طلعت مصطفى: الطلب الحقيقي يدفع السوق ولا فقاعة
بدوره، استبعد هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، وجود فقاعة عقارية، مشيرًا إلى تكرار هذا الادعاء دون أدلة.
وأكد أن الطلب على المساكن في مصر مستدام وطويل الأمد، مع حاجة سنوية تصل إلى مليون وحدة سكنية، نظرًا لوجود نسبة 65% من السكان تحت سن الثلاثين.
وأوضح أن المعروض الحالي لا يغطي احتياجات الفئات القادرة على الشراء، سواء عبر التمويل العقاري أو الدفع النقدي، ورأى أن تباطؤ المبيعات خلال الفترة الماضية يعود لتشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، وهو رد فعل طبيعي لسحب السيولة، متوقعًا انتعاش السوق في الصيف، خاصة في مشروعات الساحل الشمالي.
نجيب ساويرس يحذر: فقاعة محتملة بسبب التضخم وتأخر التراخيص
في المقابل، أبدى نجيب ساويرس، رئيس مجلس إدارة أوراسكوم للاستثمار، مخاوفه من وجود فقاعة عقارية، مستندًا إلى خسائر شركته خلال ثلاث سنوات بسبب ارتفاع الدولار والتضخم غير المسبوق.
وأشار إلى أن التزامات الشركة بأسعار ثابتة في عقود البيع تصطدم بارتفاع تكاليف المواد الخام.
كما ندد ساويرس بتأخر إصدار التراخيص، موضحًا أن هذا الأمر يزيد من الأعباء المالية على الشركات ويقوض أرباحها، مع ذلك أكد عزمه مضاعفة طاقة البناء والتعاقد مع شركات مقاولات جديدة لمواجهة التحديات.
الذهب يتصدر المشهد: توجه جديد في أولويات الاستثمار
بحسب رمسيس، تعزز تقارير دولية توقعات بارتفاع أسعار الذهب إلى 3100 دولار للأونصة بنهاية 2025، مما يجعل الاستثمار في الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالعقارات التي تشهد ركودًا واضحًا في الشريحة الفاخرة.
خلاصة: تهدئة وليس فقاعة.. لكن الحذر مطلوب
يرى أغلب الخبراء أن ما يشهده السوق العقاري المصري حالياً لا يشكل فقاعة عقارية بالمعنى التقليدي، بل هو تهدئة مؤقتة ناجمة عن عوامل اقتصادية ونقدية، وتغيرات في سلوك المستثمرين.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل المؤشرات التي تثير القلق مثل التضخم، وندرة السيولة، وارتفاع تكاليف التنفيذ، والتي قد تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل السوق في الأشهر المقبلة.
خلفية تحليلية:
الجدل حول وجود «فقاعة عقارية» في مصر يعكس تحولات عميقة في السوق العقاري والاقتصاد الكلي.
مع الطلب السكاني المرتفع والتوسع العمراني المستمر، يظل الطلب على الوحدات السكنية قائمًا، لكنه يواجه تحديات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف البناء التي تجهد قدرة المستثمرين والمشترين على حد سواء.
دخول الذهب كملاذ استثماري يعكس المخاوف من التذبذب الاقتصادي، وهو مؤشر يحتاج مراقبة دقيقة من صناع القرار لضمان استقرار السوق العقاري دون تعريض الاقتصاد لمخاطر غير محسوبة.
انت تقرأ هذا الموضوع في قسم عقارات على موقعك المفضل النافذة الاخبارية.
كما يمكنم ايضا تصفح المزيد من الاقسام الهامة في موقعنا:
تابعنا الآن على جوجل نيوز النافذة الإخبارية